الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
أخبار الآحاد
80432 مشاهدة print word pdf
line-top
اعتناء السلف بالحديث النبوي


   لما عرف الصحابة رضي الله عنهم أهمية هذا العلم حرصوا على تلقيه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، فأكثروا ملازمته، وآثروا مجالسته على العمل في أموالهم، وأسباب ارتزاقهم، وربما أناب بعضهم من يحضر مجلسه ويبلغه ما فاته من العلم، كما فعل عمر بن الخطاب مع جاره الأنصاري .
   ولقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في حسن تعليمهم، وإيصال المعنى إلى أفهامهم فكان يستعمل ألوانا من وسائل الإيضاح والبيان، كالعرض والمناقشة وضرب الأمثلة، وتكرير الكلام ليفهم عنه، فكانوا يتلقون عنه في المجالس والنوادي وعلى المنابر، في السفر والحضر، فما قبضه الله إلا وقد علمهم كل شيء يحتاجون إليه كما شهد له بذلك بعض أعدائه من اليهود، كما روى مسلم عن سلمان أن بعض اليهود قالوا له: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: أجل. الحديث .
   وبعد أن توفاه الله عرف أصحابه أن هذا العلم الذي تلقوه عنه أمانة في أعناقهم، يلزمهم بيانه للناس كي لا يلحقهم وعيد الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ .

  وهكذا عرف تلامذتهم منزلة هذا العلم من الدين الذي كلفوا به، مما حمل الجميع على بذل الجهد في التعلم والتعليم فعمروا بهذا الحديث مجالسهم، وصار طلبه جل مقاصدهم، وتحملوا في تحصيله المشاق وقطعوا المراحل الكثيرة، كما روي عن ابن عباس أنه قال: كان يبلغني الحديث عن بعض الصحابة فآتي إليه وهو قائل، وأجلس عند الباب، تسفي الريح في وجهي التراب حتى يستيقظ رواه الحاكم .
واشتهر عن جابر رضي الله عنه أنه سافر إلى الشام لأخذ حديث واحد من عبد الله بن أنيس كما رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما . وكذا أبو أيوب سافر إلى مصر من المدينة ليروي حديثا واحدا عن عقبة بن عامر ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم .
  وكانوا بعد سماعه يتذاكرونه، ويعرضه بعضهم على بعض ليتأكد كل منهم صحة ما حفظه، وربما كرره الواحد زمنا طويلا حتى يحفظه، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يجعل جزءا من الليل لدراسة الحديث ليبقى في ذاكرته. ذكره ابن جريج وغيره .
   وقد خصهم الله بزيادة في الحفظ فاقوا بها من بعدهم بكثير وعنهم في ذلك روايات عجيبة وربما استعان بعضهم على الحفظ بالكتابة حتى يحفظ، وبالجملة فقد أثر عن سلفنا من العناية بالحديث والاهتمام بشأنه ما به حقق الله حفظ هذه الشريعة وحماية مصادرها، فرحمهم الله وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

line-bottom